الاثنين، 8 يوليو 2013

الاحساس بالذنب ج 3



رابعا. غالبا ما يبرر علم النفس الخطيئة باسم الحرية والتنفيس عن المشاعر.
 

ا. تعاليم علم النفس
كثيرا ما يعبر علماء النفس عن مثل هذه الأفكار.
يقول ڤتز فيما يتعلق بعلماء النفس الذين يؤكدون على الذات: "بالنسبة إلى الذاتيين، يبدو أنه لا توجد واجبات، تضحيات، موانع، أو قيود مقبولة. بدلا من ذلك هناك فقط حقوق وفرص للتغير" (صفحة ٣٨).
انتقد دونالد كامبل، رئيس الرابطة الأمريكية لعلماء النفس، علماء النفس على النحو التالي: "هناك اليوم في علم النفس خلفية عامة تفترض ... أن التقاليد الأخلاقية الكابحة والقمعية ليست صحيحة" (ڤتز، صفحة ٤٩).
وقال أيضا: "من المؤكد أن انطباعي، بعد أربعين عاما من قراءة علم النفس، أن علماء النفس ينحازون دائما تقريبا إلى جانب الإشباع الذاتي بدلا من ضبط النفس التقليدي" (بركلي، صفحة ١٠٥).
يشجع العديد من الأطباء النفسيين زبائنهم على التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بحرية، بدون أو بقليل من ضبط النفس، استنادا إلى النظرية القائلة إنهم بهذا "ينفسون" عن مشاعرهم، كي لا تبقى "مكبوتة في الداخل" مما يؤدي إلى شرور أكثر تطرفا. على سبيل المثال، يتم تبرير المواد الإباحية على أنها متنفس للرغبات الجنسية والتي يمكن أن تعبر عن نفسها لولا ذلك في شكل اعتداءات جنسية عنيفة، ويقارنون هذا بخض قنينة المشروب الغازي والسماح للفقاقيع التي تنتج عن ذلك بالخروج منها ـ إنهم بهذا "يخرجونها من نظامهم"، فلا تعود إلى الفوران بعد ذلك.
أشار قسيس مستشفى الأمراض العقلية (الذي استشهدنا به في وقت سابق) إلى أنه ليس هناك سوى القليل مما يمكن للواعظين القيام به من أجل الأشخاص المقيمين في المصحات العقلية باستثناء مجرد "أن يكونوا متنفسا لهم" (آدمز، صفحة ٩). يعني هذا مجرد السماح لهم بقول ما يريدونه، مهما كان ذلك.
أفادت أنباء إحدى الإذاعات نقلا عن مجموعة من علماء النفس، أن أعمال الشغب التي وقعت في لوس انجلوس عام ١٩٩٢ خدمت غرضا مفيدا، لأنها وفرت للناس متنفسا لمشاعر الإحباط التي كان من شأنها لولا ذلك أن تبقى مكبوتة في داخلهم. لا بأس من الاعتداء على عشرات الناس، سرقة سلع تقدر بملايين الدولارات، سحق وتدمير ما يقدر بملايين الممتلكات عمدا، وقتل ٦٥ شخصا، والتي كانت جميعها غير قانونية. بررت هذه جميعها لأن الناس قد نفسوا عن إحباطهم!
هذه الأفكار هي شائعة بصورة خاصة عند التعامل مع الأطفال.
يفسر كلپاتريك (صفحة ١٩٨ـ ٢٠٠) أن علماء النفس ينظرون إلى الأطفال على أنهم شتلات من الطبيعي أن تنمو وتورد زهورا جميلة ما لم يمنعهم البالغين ويعوقون نموهم. لا ينبغي للأهل "أن يحرفوا شخصيات أبنائهم" بأن يطلبوا منهم الانصياع للقوانين والتصرف باحترام.
إنهم يعتقدون أن الأطفال سعداء لأنهم لا يكبتون مشاعرهم، وأن من شأن البالغين أن يكونوا سعداء أيضا لو أنهم لم يكبتوا مشاعرهم، وأن مشاكلنا العاطفية تنجم عن محاولة إتباع هذا العدد الكبير من القواعد والقيود.
في كتاب عن تربية الأطفال بعنوان رعاية الأطفال، يدعو دريپر ودريپر إلى "إعطاء الطفل حق التعبير عن كل أنواع المشاعر والرغبات بحرية" (صفحة ٢٨١). ينبغي علينا إذن أن نسمح لهم بالتعبير عن كل ما يشعرون به، سواء كان عصيانا، قلة احترام، تجديفا، لغة، أو أفكارا بغيضة. هذا هو مفهوم علم النفس عن "التنفيس".
مرة أخرى يثبت علماء النفس أنهم خبراء في مجال تفسير وتبرير الخطيئة والفجور، حيث يتم تبريرها جميعا باسم الحرية والتنفيس عن المشاعر.
ب. تعاليم الإنجيل
يجب على الناس أن يتحلوا بالانضباط والسيطرة على النفس لتنفيذ إرادة الله.
رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٥: ٢٢، ٢٣ ـ ـ ضبط النفس هو أحدى الثمار التي يطورها المسيحي بإطاعته للروح القدس. نحن لسنا أحرارا في أن نفعل ما يحلو لنا، بل ينبغي علينا أن نردع أنفسنا بالخضوع إلى قوانين الله. [رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ١: ٧]
رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ٣: ١ـ ٤ ـ ـ تأتي الأزمنة العسيرة عندما يفقد الناس، من بين أمور أخرى، "ضبط النفس". عندما يؤمن المجتمع بعدم حاجة الناس إلى كبح زمام أنفسهم، بل "التعبير عن أنفسهم" بحرية على أي نحو يختارونه، فإن الأزمنة العسيرة قد حضرت.
رسالة بطرس الثانية ١: ٥ ـ ١١ ـ ـ يتوقع الله من المسيحيين أن يضيفوا إلى حياتهم خصالا ومن ضمنها ضبط النفس. لا تدعنا هذه الخصال بطالين وبغير ثمر، تؤيد دعوة الله واختياره لنا، وتفسح لنا المجال لدخول ملكوت السماوات. قد نسى أولئك الذين يفتقرون إلى هذه الأشياء الغرض الذي خلصهم الله من أجله. يدافع علم النفس عن عكس ما يقوله هذا المقطع تماما.
سفر الأمثال ٢٩: ١١ ـ ـ الجاهل يخرج كل ما في صدره، والحكيم يكبحه ويسكنه. يشجع علم النفس الناس على التنفيس عن مشاعرهم، عدم كبتها في الداخل، إلى آخره. يدعو الإنجيل أمثال هؤلاء "جهلة". يعرف الإنسان الحكيم أنه يجب عليه أن يتحكم في مشاعره وكيفية تعبيره عنها. [٢٩: ٢٠]
سفر الأمثال ١٦: ٣٢؛ ٢٥: ٢٨ ـ ـ الذي يسيطر على روحه خير ممن يأخذ مدينة. الإنسان الذي لا يضبط روحه هو مثل مدينة بلا سور. أولئك الذين يسيطرون على مشاعرهم هم أعظم من الرجال الذين يهزمون مدينة ويستولون عليها. لم يتمكن الكثير من الغزاة المشهورين من السيطرة على رغباتهم الخاصة، وسوف يهلكون إلى الأبد. أما الإنسان الذي يستطيع أن يتحكم في سلوكه فسوف ينال الخلاص الأبدي.
علاوة على ذلك، تفتقر المدن غير المسورة إلى الحماية، يستطيع الأعداء الاستيلاء عليها بسهولة. عندما يطلق الشخص الذي يتبع تعاليم علم النفس العنان لرغباته دون موانع، فإنه يكون بالمثل بلا حماية. يستطيع الشر الدخول إلى حياته وتحطيمه بسهولة. بدلا من مساعدتنا على التعامل مع مشاكل الحياة، يترك علم النفس الباب مفتوحا على مصراعيه للمشاكل.
رسالة بولس الثانية إلى أهل كورينثوس ١٠: ٤، ٥ ـ ـ يوفر لنا الله الأسلحة التي نحتاج إليها لكي نأسر كل فكر إلى طاعة المسيح. نحن لسنا أحرارا في أن نفعل ما نشاء. يجب أن نخضع حتى أفكارنا لإرادة الله.
ليس الافتقار إلى ضبط النفس في مصلحة أحد. يعرف الله ما فيه صالحنا ويقول أنه يجب علينا أن نكبح زمام أنفسنا لإتباع معاييره الأخلاقية. المجتمع الذي يمارس هذا النوع من "الحرية" التي ينادي بها علماء النفس هو مجتمع محكوم عليه بالإدانة الأبدية والغرق في المزيد من الانحلال الأخلاقي.
[إنجيل متي ١٢: ٥٠؛ كتاب أعمال الرسل ٢٤: ٢٥]
لا يمنعنا "التنفيس" من ارتكاب ذنوب أكبر، لكنه بدلا من ذلك يقودنا إليها.
يجادل العلماء بأن إطلاق الإنسان العنان لرغباته بطرق معتدلة نسبيا، يقضي على رغبته في ارتكاب شرور أعظم ـ مثل فقاقيع قنينة المشروب الغازي. لكن كبت هذه الرغبات يسبب استفحال الإحباط واندلاع الشر بصورة أكثر تطرفا. ماذا يقول الله؟
رسالة يعقوب ١: ١٩، ٢٠ ـ ـ يجب على كل إنسان أن يكون سريعا إلى الاستماع، بطيئا عن الغضب؛ لأن غضب الإنسان لا يعمل لبر الله. يقول الله أنه لا ينبغي لنا أن نعبر عن الغضب بحرية، لأن الغضب الجامح يؤدي إلى أسوأ أشكال الإثم. هذا هو عكس ما يقوله علم النفس.
سفر الأمثال ٢٩: ٢٢؛ ١٥: ١ ـ ـ الإنسان الغضوب يثير النزاع، وذو السخط كثير المعاصي. الجواب اللين يرد الحنق، والكلام المؤلم يثير الغضب. مرة أخرى، يؤدي التنفيس عن العواطف والرغبات إلى مزيد من الشرور، وبذلك تكثر شرورنا.
سفر الأمثال ٤: ٢٣ ـ ـ صن قلبك أكثر من كل ما تحفظ، فإن منه تنبثق الحياة. الغرض من ضبط النفس هو حماية القلب من الشرور. ينبع السلوك من القلب. القلب الذي يتغذى على الشر، سوف يسمح للأفكار الشريرة أن تنمو وأن تعبر عن نفسها بشكل مزيد من الشر.
خلافا لما ينادي به علم النفس، لا تمنع ممارسة الشرور "باعتدال" من اقتراف المزيد من الشرور. بدلا من ذلك، فإنها تجعل الشر عادة متأصلة في حياتنا وهي تزيد، ولا تقلل، من احتمال انتقالنا إلى شرور أعظم. في هذه الأثناء، نحن نقف مذنبين أمام الله بسبب الشرور التي اقترفنا. لتقليل الشر، يجب علينا أن نفعل عكس ما تقوله نظريات علم النفس وأن نكبح مشاعرنا.
على سبيل المثال، أظهرت الدراسات مرارا وتكرارا، بأن الإدمان على المواد الإباحية لا يسفر عن عدد أقل من الاعتداءات العنيفة على النساء، بل عن عدد أكبر. لا تشبع المواد الإباحية الرغبات الجنسية لدى الرجال بل تستثيرهم! كثيرا ما يطبق الرجال أشكال الانحراف الجنسي التي شاهدوها أو قرأوا عنها، وكثيرون منهم يحملون المواد الإباحية معهم أثناء قيامهم بالاعتداءات الجنسية.
[سفر الأمثال ١٤: ١٧؛ رسالة بولس إلى أهل أفسس ٤: ٢٦، ٣١]
يحتاج الأطفال بالتحديد إلى السيطرة وضبط النفس.
يقول علم النفس أن ردع الأطفال يولد لديهم شعورا بالإحباط فيصبحون أكثر تمردا. يفكر بعض الأهل، حتى أولئك الذين هم أعضاء في الكنيسة، بنفس هذه الطريقة، فيقولون للآخرين: "لا تكونوا صارمين للغاية. لا تجبروا أطفالكم على الذهاب إلى الكنيسة. دعوهم يختبرون بعض مغريات العالم. وإلا فإنهم سوف يتمردون ويفعلون أشياء سيئة حقا". يتردد بعض الأهل في الوقوف في وجه أبنائهم خوفا من أن يتمردوا بالفعل.
سفر صموئيل الأول ٣: ١٣ ـ ـ قال الله أنه حكم على بيت عالي بسبب الإثم الذي يعلم أن بنيه لعنوا به الله فلم يردعهم. عدم ردع عالي لأبنائه لم يمنعهم من ارتكاب شرور أكثر تطرفا بل دفعهم إلى إساءة استعمال منصب الكهنوت، ارتكاب الزنا، أخذ ما لا ينتمي إليهم، وتهديد أولئك الذين حاولوا منعهم باستخدام العنف (٢: ١٢ـ ١٧، ٢٢ـ ٢٥). يتوقع الله من الأهل أن يردعوا أبنائهم، لا أن يسمحوا لهم بالتنفيس عن جميع رغباتهم.
يجب على الأهل تعويد الأطفال على ضبط النفس بمحبة، مسترشدين بوصايا الله. عند القيام بذلك على الوجه الصحيح فإنه يؤدي بالطفل إلى طاعة واحترام الله ووالديه. يقول الله أن الطفل الذي يتمرد هو الذي لم يردع. لقد أنتج النهج المتساهل الذي يتبعه علماء النفس ما نراه من حولنا في المجتمع: جيلا من المتمردين الفاسقين.
نعم، الأطفال هم في بعض النواحي كالزهور المتفتحة. لكن تربية الورود أو أحواض الزهور يتطلب ممارسة السيطرة. لا يجوز أن تزرع البذور إلا عندما يكون الطقس ملائما. يجب أن تتلقى الشتلات المقدار الصحيح من الماء. يجب إزالة الأعشاب الضارة. لا ينمو الخير من تلقاء نفسه. يجب أن يغذى مع المراقبة والسيطرة.
ليست الرغبات الشريرة مثل فقاقيع المشروبات الغازية، بل مثل النار. يشبه النهج الذي يتبعه علم النفس إعطاء الأطفال كبريتا ووقودا دون قيود، على أمل أنهم لن يشعلوا سوى حرائق صغيرة. لكن الحرائق التي لا يتم تطويقها تتحول إلى جحيم. لإخماد الحريق، يجب عليك احتوائه، خنقه، وإزالة الوقود الذي يغذيه. لكن السبيل الأفضل طبعا هو تعليم الأطفال عدم اللعب بالكبريت أصلا. هذا هو النهج الذي تتبعه كلمة الله مع الشر.
ليست حرية الكتاب المقدس تحررا من ضبط النفس، لكنها تحرر من الخطيئة وعواقبها.
رسالة بطرس الثانية ٢: ١٩ـ ـ يعد المعلمون الدجالون بالحرية، لكنهم هم أنفسهم عبيد للفساد؛ لأن الإنسان عبد لما استولى عليه. [قارن آية ١٨ـ ٢٢] هذا هو نوع الحرية التي يوصي بها علماء النفس ـ حرية الإنسان في أن يفعل ما يحلو له. يقول الله أن هذا يؤدي إلى العبودية والفساد. نحن أسرى أية قوة نطيعها. أولئك الذين يمارسون الخطيئة هم عبيد للخطيئة. [رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس ٢: ٢٥، ٢٦]
إنجيل يوحنا ٨: ٣١ـ ٣٤ ـ ـ علم يسوع الناس أن يعرفوا الحق وأن يثبتوا في كلامه، وبذلك يتحررون من عبودية الخطيئة. ليست حرية الإنجيل حرية للقيام بكل ما يحلو لنا أو إطلاق العنان لعواطفنا ورغباتنا. حرية الإنجيل هي تحرر من الخطيئة والذنب، لكن للحصول عليها يجب علينا أن نعرف الحق وأن نطيعه.
رسالة بولس إلى أهل رومية ٦: ١٢ـ ٢٣ ـ ـ جميعنا عبيد، لكن لأسياد مختلفين. وجميعنا أحرار، لكننا أحرار من أمور مختلفة. أولئك الذين يعيشون متحررين من القيود، كما يحث على ذلك علماء النفس، سوف يصبحون عبيدا للخطيئة لكنهم أحرار من جهة البر. أولئك الذين يطيعون كلمة الله سيكونون عبيدا للبر، لكنهم أحرار من الخطيئة والموت الأبدي. هذه هي الحرية الكتابية. لكن للحصول عليها يجب ألا نسمح للخطيئة أن تتسلط على أجسادنا، بل أن نقدم أعضائنا لله كوسائل للبر.
رسالة بولس إلى أهل غلاطية ٥: ١٣ ـ ـ يجب ألا نجعل الحرية فرصة للجسد. ليست الحرية في المسيح رخصة لنفعل ما يعجبنا.
يستطيع معظم الناس العثور على مختلف الأعذار لتبرير خطاياهم، لكن غالبية هذه الأعذار ليست مقنعة للآخرين أو حتى لأنفسنا. الأعذار التي تأتي من علماء النفس هي أكثر إقناعا، لأنهم محترفين. فقد تم تدريبهم في الكليات وحصلوا على شهادات في صنع الأعذار، لذا يستطيعون القيام بذلك علميا. تدفع لهم أجورا باهظة. لذا فمن الأرجح أن يقتنع الناس بالأعذار التي يقدمونها.
يقدم علم النفس حرية مزيفة ومنحرفة: الحرية من الله، الحرية من البر، والحرية من الحياة الأبدية. الحرية الحقيقية هي التحرر من الخطيئة والتي يمكن العثور عليها في يسوع المسيح فقط.
[إنجيل متي ١١: ٢٨ـ ٣٠؛ رسالة بطرس الأولى ٢: ١٦؛ رسالة بطرس الثانية ١: ٤؛ كتاب أعمال الرسل ٨: ٢٢، ٢٣]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق