الأحد، 7 يوليو 2013

مرحلة المراهقة







تلك المرحلة التي بين الطفولة والشباب.. ليس لها حدود زمنية واضحة لكنها في الغالب تبدأ في العام الثاني عشر وحتى نهاية العقد الثاني من العمر تقريبًا عندما تكون بنية الجسم قد اكتملت، وأهم حدثين خلالها هى النضج الجنسي ونظرة الشخص إلى نفسه كفرد مستقل وكيان منفرد عن أسرته.
 النمو الجنسي
النمو الجنسي
البلوغ: البلوغ هو مرحلة من العمر خلالها يكتمل الجهاز التناسلي لدى الإنسان وبهذا يتحول من طفل إلى شخص يافع قادر على التزاوج.
وتستغرق مرحلة البلوغ من ثلاث إلى أربع سنوات تبدأ بمعدل سريع من النمو الجسدي مصاحبة بنمو تدريجي للأعضاء التناسلية والعلامات الجنسية الثانوية ظهور الأثداء عند الإناث أو بداية ظهور شعر اللحية أو الشارب عن الذكور، ونمو شعر العانة عند الجنسين.
الحيض: حدوث أول فترة حيض عند الإناث عادةً ما يكون بعد 18 شهر من بداية فترة النمو السريع عند البنات، وغالبًا ما تكون أول دورة غير منتظمة، وفي العادة لا يبدأ المبيض في إفراز البويضات (ما يسمى عملية التبويض) قبل مرور عام من بداية فترة الحيض.
الإحتلام: يحدث الإحتلام عند الذكور بعد مرور عامين من بداية فترة النمو السريع في بداية البلوغ التي ذكرناها سابقًا، ويخلو السائل المنوي في بادئ الأمر من وجود أى حيوانات منوية وتدريجيًا يزداد العدد مع مرور الوقت.
ويحدث الإحتلام عند الإناث بصورة أقل من الذكور.. أقل من الذكور

متى يبدأ البلوغ تحديدًا وكم يستغرق؟
حقيقةً فإن الأمر يختلف كثيرًا من فرد إلى آخر.. فنرى من البنات من يحدث لها الحيض الأول في عامها الحادي عشر بينما نرى من يتأخر الحدث عندها حتى العام السابع عشر، وكذلك الأمر بالنسبة للذكور.. لكن في المجمل فإن البلوغ عند الذكور يتأخر بقدر عامين عن الإناث.
التأثير النفسي لمرحلة البلوغ:
من المتعارف عليه أن مرحلة المراهقة مرحلة عاصفة من الإجهاد والتوتر تتصف باضطراب المزاج والكثير من الاضطرابات الداخلية يصاحبها حالة من التمرد، لكن بعد إجراء الكثير من الأبحاث رأينا أن هذه النظرة المتشائمة لمرحلة البلوغ والمراهقة ليست على وجه الدقة، لكن ما أوضحته تلك الدراسات أن البلوغ في حد ذاته ليس له تأثير هام على نفسية الشخص ولكن وجد أن وصول الذكور إلى مرحلة البلوغ من الأمور التي ترضيهم عن ذاتهم، ربما ذلك بسبب ارتباط بنية الرجل الناضج في ذهن الصغار بالقوة والشجاعة، وكذلك  البنات فمجرد أن ترى البنت علامة ولو حتى بسيطة من علامات البلوغ فتبدأ في إظهارها وإبرازها والتحدث عنها، ويعتمد ذلك على أدبها وأخلاقها ودينها).
وفي المجمل نقول أن تجربة البلوغ تعتبر إيجابية بالنسبة للمراهق أو المراهقة.
لكن ما يعتبر أمر مزعج للمراهقين في فترة المراهقة هو انتقاد من حولهم لتغيراتهم، وهذا النقد هو ما يشكل توترًا نفسيًا.. فعملية البلوغ نفسها غالبًا لا تسبب توتر والمراهق سيتقبل صورته الجديدة لكن انتقاد الأهل والزملاء والأقارب لعدد من الأمور المرتبطة بالنمو مثل "تغير الصوت" أو "الزيادة المفاجئة في الطول" فإن قابلت الأسرة هذه التغيرات بشئ من المزاح السخيف فإن المراهق لا يقبله على أنه مزاح لكنه يشعره بالذنب وكأنه أخطأ عندما كبر.
لكن لو كان الأسرة والأقارب إيجابيين فسيغيرون هذا الشعور بالذنب عند المراهق لشعور آخر بالحماسة والأمل عندما يتقبلون ما يمر به بالترحاب أو حتى بالسكوت.
وغالبًا لا يعاني من مشاكل في هذه الفترة إلا ثلث المراهقين فقط أما الباقون فلله الحمد يمر الأمر لديهم بهدوء.
 الاستقلال
الصراع بين الوالد والوالدة والمراهق:
لأن كثير من الآباء والأمهات يعتقدون أن المراهقة هى أكثر الفترات "تمردًا للأبناء" لذا فإن هذا الاعتقاد يوسع الفجوة بين جيل الأبناء والآباء.. ويظهر في شكل علاقة غير هادئة بين المراهق ووالديه مما يبث الخوف عند الوالدين باقتراب مرحلة المراهقة عند أحد أبناءهم.. وبعد الكثير من الأبحاث والمتابعات لأعداد غفيرة من المراهقين وأسرهم لم يثبت وجود حقيقي لما يسمى "الفجوة بين الأجيال" فحتى لو كان المراهق يفضل استشارة أصحابه عند اختياره لملابسه الجديدة أو غيرها مما يخص ثقافة المراهقين لكن رغم ذلك فعندما يواجه أمرًا جادًا فغالبًا ما يستشير والده أو والدته أو أحد أقاربه من نفس الجيل.
لذا فإن الحواجز التي نضعها بيننا وبين أبناءنا ما هى إلا وهم نخرجه من رؤوسنا لنضغط على أرض الواقع، ويساهم في تأسيس هذا الوهم الطريقة التي نربي عليها أبناءنا.. فغالبًا ما يصر الوالدان على إقناع ابنهم أن هناك حاجز بينهم ويلزم وضعه في الاعتبار.. ويتجلى ذلك في المشاحنات والمهاترات المتكررة بين الوالدين والمراهق خلال فترة المراهقة أكثر من أى فترة أخرى، وفيما يبدو أن البلوغ في حد ذاته يلعب دورًا أساسيًا في نشأة هذا الخلاف وكلما ظهرت الأعراض الجسمانية للبلوغ كلما كان ذلك مؤشرًا على زيادة عدد مرات النقاش والجدال المبكر.
والغريب أن المراهقين من الجنسين يجدون صعوبة في الحوار ويصنعون مزيدًا من المشاحنات مع الأمهات أكثر من الآباء.. وربما يكون ذلك بسبب أن الأم هى الأكثر انخراطًا في تنظيم كل تفاصيل حياة الابن اليومية مثل الواجبات المدرسية والمذاكرة وترتيب الغرف وطريقة لبسه وعلاقته بأصحابه، وخروجه المتكرر، وتأخره في المساء، وغالبًا ما تكون هذه المسائل محل خلاف بين الابن والأهل في تلك المرحلة لأنه يرى أنه كلها في نظره تخضع لتقديره هو وهو فقط.. ولأن الأهل لن يقبلوا تلك الفرضية فغالبًا ما تشتعل نار النقاش من حين لآخر..
وحقيقةً فإن كثيرًا من الآباء والأمهات في تلك الفترة ما يعانون من حيرة بداخلهم بسبب الصراع بين المحافظة على القواعد والحد من التسيب وبين منح ابنهم مساحة من الخصوصية والاستقلال في سلوكياته.. وكما يشعر الوالدين بالحيرة فإن المراهق يشعر أيضًا بحيرة حيال موقفه الجديد بين تحرره من الاعتماد على الآخرين وبين تحمل مسئولية هذا الاستقلال ومواجهة عواقب استقلاله في الرأى والتصرف.
للخروج من هذه المتاهات فغالبًا ما يسري الأمر في تفاوضات ضمنية بين المراهق والأهل لإيجاد صورة من الترابط يضمن من خلالها مزيد من الاستقلالية وإتخاذ القرار مع مزيد من تحمل المسئولية.. لكن لو كان الوالدين من النوع المتسلط الذي لا يقبل النقاش فعندها سيتفاقم الصراع وقد يتطور إلى عدد من المشاكل النفسية.

تملك ذراع التحويلة 
ذراع التحويلة
وهنا نقول أن على الوالدين في مرحلة المراهقة أن يستشعروا أهمية الحوار فذلك سيجنب ابنهم الكثير من المشاكل والصراعات النفسية، ويسعى الوالد والوالدة ليكون ربان سفينة يوجهها بلطف بدلاً من إتخاذ موقف سلبي مضاد لأفعال الابن فقط.. ومشهد كهذا يعترض فيه الأب على كل طلبات الابن يكون فيها المحرك هو الابن وليس الأب.. لكن لو سعى الأب لتملك "ذراع التحويلة" حتى لو اختلفا وعندها لو بادر الوالد بتوضيح أسباب إتخاذ القرار أو شارك ابنه في صنع القرار أو حتى إعطاء مساحة كافية للتعبير عما يدور بداخله معبرًا عن رأيه بشئ من الحرية فسيساعد ذلك كثيرًا في تضييق الهوة بين الابن والأب، وهذا في الغالب ينمي الشعور بالاستقلالية عند المراهق مما يعبر به هذه المرحلة بمزيد من الأمان.
*ذراع التحويلة هى ذراع حديدية موجودة عند مفترق طرق القطارات فلو كانت قائمة يذهب القطار إلى جهة، ولو كانت مائلة يتم تحويل القطار إلى جهة أخرى.. فلا مانع من مناقشة سوف نذهب يمينًا أو يسارًا أو نحول طريقنا ونعود .. ولكن القرار الأخير والوحيد هو لعامل التحويلة).

نشأة الهوية عند المراهقين:
 الهوية
من الأمور الهامة بالنسبة للمراهق هو كيفية أن ينمو بداخله الشعور بالهوية أن يجيب على أسئلة تجول بخاطره مثل "من أنا؟" أو "ما هو مستقبلي؟".
في هذه المرحلة ينشغل المراهق حول ذاته مما يصيب  ثقته بنفسه بشئ من الارتباك..
تبدأ هوية الشخص في النمو منذ الطفولة وتستمر في النمو والبناء عبر سنين حياته، لكن تعتبر فترة المراهقة من أكثر الفترات الحرجة والتي تؤثر وتتأثر بالهوية.. خلال مرحلة الطفولة المبكرة تكون القيم والمثل عند الأطفال هو ما اكتسبوه من الوالدين، لذا فإن تقييمهم لذواتهم من منظور القيم يتأثر بشكل أساسي بقيم الوالدين ونظرتهم للآخرين.. وعندما يكبر هؤلاء الصغار قليلاً وعند دخولهم المدرسة يظهر مؤثر آخر فيطفو على السطح عدد آخر من القيم والنظم الجديدة.. تلك التي يكتسبوها يوميًا من زملاء الفصل والمدرسين مما يؤثر بالسلب أو الإيجاب في بناء هوية الطفل الذاتية.
ومع الوصول لمرحلة المراهقة يسعى المراهق ليلائم بين ما تعلم من قيم ومثل وبين ما يتعرض له من انتقادات ليكون صورة ملائمة من وجهة نظره.. لو كانت المبادئ والقيم والمثل التي يتلقاها المراهق في بيته تتوافق مع ما يتلقاه في مدرسته من مدرسيه وزملائه فإن بناء شخصية غير متناقضة يكون أسهل بكثير.. فسلاسة بناء الشخصية والهوية تتواجد على أرض الواقع إذا لم تختلف المؤثرات (الآباء، المدرسين، الأصحاب) وفي يومنا هذا مع وجود الإعلام الذي يعد مؤثرًا قويًا بكل صوره من انترنت أو فضائيات أو مقروءات، فإن كان ما يبثه يسري مع قيم ومثل كما يراها الأبوان فإن ذلك يسهل عليهم وعلى المراهق هذه المهمة لكن إذا كان الإعلام وخاصةً الدش والانترنت حافلاً بالمتناقضات فإنه يفتح حلبة من الصراعات على المراهق لابد وأن تواجه بمزيد من القرب من الوالدين لمعرفة ماذا يقرأ وبماذا يتأثر، وليوجهوه لما يرونه مناسبًا ويقوموا ما يرونه غير مناسب بمزيد من العمل والحث على التربية الصحيحة وإن كان ذلك صعبًا بعض الشئ لكن لا بديل عن دور الوالدين في ذلك وإلا سيجدون بعد أشهر أو سنين شخصية لم يسعوا يومًا لها.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق