السبت، 6 يوليو 2013

الى متى يارب تنسانى ؟؟

الى متى يارب تنسانى ؟؟ 37249106019302780662100.jpg
انه احد مزامير صلاة باكر وهو مزمور انين وشكوى وعتاب من انسان فى ضيقة وقد طال عليه الوقت فى ضيقته
ولذلك فان عبارة ( الى متى؟) تكررت اربع مرات فى صلاة هذا المزمور:

قال : الى متى يارب تنسانى؟ الى الانقضاء حتى متى تحجب وجهك عنى؟ الى متى اردد هذه الاوجاع فى قلبى وهذه الاحزان فى نفسى النهار كله ؟ الى متى يرتفع عدوى على ؟

هذا التكرار لم يكن تذمرا انما لجاجة فى الصلاة
هو لون من الالحاح على الرب فمهما طالت به المدة فى ضيقته لاييأس وانما يرفع قلبه الى الله متضرعا وقائلا:الى متى ؟رغبة منه فى ان يتدخل الله لانقاذه...

عبارة( الى متى )تظهر لنا ان اوقات الالم تبدو طويلة

اى ان الانسان يشعر بطولها اكثر من اوقات الفرح..ان ساعة واحدة فى الم شديد من مرض قاس تبدو اطول من ساعات او ايام فى المتعة والبهجة
دائما لحظات الحزن والوجع والالم تبدو طويلة و ايام الفرح تبدو قصيرة

داود هنا يعاتب الله :لماذا تقف ساكتا فى ضيقتى ؟( اسرع واعنى) ( مز 69 : 70 )

حتى متى لاتتدخل ؟ ( الى متى تقف بعيدا فى وقت الضيق؟!) ( مز 10 : 1 )
قم ايها الرب وليتبدد جميع اعدائك وليهرب من قدام وجهك كل مبغضى اسمك القدوس) ( مز 67 ، 68 : 1 )

حتى متى يضطهدنى شاول الملك كل هذا الاضطهاد وانت ترى وتسكت؟!
ربما لان ساعته لن تأت بعد . هذا حق ولكن انا قد تعبت....

هنا اقول : ان طالت عليك اوقات الالم فكر فى سببها ربما يكون من داخلك !

ربما طالت الايام بسبب عدم صبرك او عدم احتمالك ! قد يشعر الانسان بطول فترة الضيقة اذا لم يستطع القلب ان يصرفها من الداخل...اذا كان فى القلب شئ من التذمر او عدم الصبر او عدم الايمان بأن الرب سيخلصه وينجيه وهكذا يفقد الرجاء ايضا فيتعب

ان حلت بك ضيقة لاتركز افكارك فى الضيقة ومتاعبها وانما فى الله الذى سوف ينجيك منها...

( قفوا وانظروا خلاص الرب . الرب يقاتل عنكم وانتم تصمتون) ( خر 14 : 13 ، 14 )

انك لو فكرت فى الاحزان المحيطة بك سوف تتعب لذلك اتركها تمر عابرة دون انتدخل الى قلبك وتستقر فيه
انشغل عنها بالتفكير فى شئ اخر فكر فى احسانات الله وفى وعوده وفى اعمال محبته وفى كل ضيقة تمر بك قل لنفسك هذه العبارات:

مصيرها تنتهى . كله للخير . ربنا موجود...

انه مزمور يبدأ بالانين والشكوى والصراخ وينتهى بالشكر وافرح والتهليل والتسبيح

نراه يختم المزمور بقوله:
( الذين يحزنوننى يتهللون ان انا سقطت اما انا فعلى رحمتك توكلت يبتهج قلبى بخلاصك اسبح الرب المحسن الى وارتل لاسم الرب العالى الليلويا)

لم ينتظر ليشكر فى مزمور اخر انما شكر مع نفس الشكوى !

+ هناك فترات من التخلى المؤقت للنعمة
اما بسبب عقوبة مؤقتة او ليشعر الانسان بضعفه فلا يقع فى الكبرياء او بحكمة معينة من التدبير الالهى لفائدة الانسان او هو نوع من التخلى الشكلى وفيه يراقب الله الانسان وينقذه وقت اللذوم

+ واحيانا يحجب الله وجهه عن انسان بسبب خطاياه
وبخاصة الذين يعبدون الله وايديهم ملطخة بالدماء وقلوبهم مليئة بالقسوة كالذين قال لهم فى سفر اشعياء (حين تبسطون ايديكم استر عينى عنكم وان اكثرتم الصلاة لا اسمع ايديكم ملأنة دما) ( اش 1 : 15 )

فان قال احد من هؤلاء : الى متى يارب تنسانى ؟
يقول له الرب( هلم نتحاجج ) . ابحث ربما انت الذى بعدت ولهؤلاء يقول الرب :( ارجعوا الى ارجع اليكم ) ( ملا 3 : 7 )

عندما اخطأ ادم هرب من الله واختبأ وراء الشجر
فمن الذى حجب وجهه عن الاخر : ادم ام الله ؟

ادم هو الذى اختبأ ولم يعد يرى الله بينما كان الله يسعى اليه ! دائما الانسان الخاطئ هو الذى يبتعد عن الله

+ يعود الى شكواه فى هذا المزمور فيقول:

( الى متى اردد هذه المشورات فى نفسى وهذه الاوجاع فى قلبى النهار كله؟)
وفى ترجمة اخرى ( الى متى اكوم هذه الهموم فى نفسى..)

يقول هذا انسان يكوم الهموم فى نفسه دون ان يطرحها على الله! يصارع مع الاوجاع وحده ولايطلب معونته من ذلك المحب القوى الذى يقول على الدوام:

(تعالوا الى يا جميع المتعبين والثقيلى الاحمال وانا اريحكم) ( مت 11 : 28 )

+ (الى متى يرتفع عدوى على):

يقول المصلى هذه العبارة سواء عن اعدائه من البشر او عن الحروب الروحية التى يسقط فيها فالعدو الذى يرتفع على هنا هو الشيطان ولكنه ليس مطلق السلطة علينا

وانما يرتفع علينا حينما نسلمه اراداتنا
حينما نخضع نحن له ونسلمه قيادتنا ولكن اطمئن يا اخى فالعدو ليس له سلطان عليك لان الله قد اعطانا السلطان ان ندوس الحياات والعقارب وكل قوة العدو ( لو 10 : 19 )

يمكن ان يحاربك فكر ردئ وتكون لك القدرة على طرده ولكنك اذا استسلمت له فانه يقوى عليك وكلما تفسح له مجالا يسيطر وهنا يرتفع العدو عليك

ان عبارة ( الى متى يرتفع عدوى على ) تحمل معنى طيبا
اذ اننا نعتبره عدوا لان الشيطان كثيرا ما يظهر كصديق!!

يظهركملاك نور( 2 كو 11 : 14 ) او كحكيم يقدم لك نصيحة او يقول ( لك اعطى ممالك الارض ومجدها) ( مت 4 : 8 ، 9 )
او يلبس ثياب الحملان وهو ذئب خاطف ( مت 7 : 15 )

لكن مادمت عرفت انه عدو احترس منه اذن ولاتفتح له قلبك ولا فكرك وكما تتضايق من ارتفاع هذا العدو عليك لاترتفع انت ايضا على احد

كن متواضعا وبهذا التواضع يمكنك ان تغلب الشيطان المرتفع

+ ايضا حينما يدرك داود ارتفاع عدوه عليه يصرخ قائلا :

انظر واستجب لى ياربى والهى

انت الاله ضابط الكل انظر ماذا يفعله عدوى بى وانقذنى منه لانك انت هو ربى والهى انت المعين والحافظ أنت الذى يحكم للمظلومين ( مز 146 : 7 ) استجب لى اذن لانى فى خطورة

+ انر عينى لئلا انام نوم الموت

انر عينى فلا احيا فى الظلمة لان الخطية ظلمة اعطنى ان استنير بروحك القدوس ولا اسلك فى العمى الروحى مثل الذين لهم عيون ولا تبصر ( مت 13 : 14 )

لئلا انام نوم الوفاة لئلا اسقط ولا اقوم لئلا اموت الموت الروحى واجرة الخطية هى موت ( رو 6 : 23 )

+ لئلا يقول عدوى قد قويت عليه

ان فخر العدو هو فى اسقاطنا وكما ان السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب اكثر من التسعة والتسعين بارا لايحتاجون الى توبة ( لو 15 : 17 ) كذلك الشيطان يفرح ببار واحد يسقط اكثر من 99 خاطئا لايعوزهم السقوط انه يفرح بسقوط البار ويقول قد قويت عليه

لذلك يقول داود :( الذين يحزنوننى يتهللون ان انا زللت )
هؤلاء الذين يفرحون بالاثم ويشمتون بى كما قيل له فى سقطته ( جعلت اعداء الله يشمتون) ( 2 صم 12 : 14 )

ما اكثر المزامير التى يشكون فيها داود من شماتة الاعداء

ان يقول ( يا الهى عليك توكلت لاتدعنى اخزى لاتشمت بى اعدائى ) ( مز 25 : 2 )
ويقول كذلك ( اعظمك يارب لانك احتضنتنى ولم تشمت بى اعدائى) ( مز 30 : 1 )

وبنفس الروح يقول ميخا النبى ( لاتشمتى بى يا عدوتى فانى اذا سقطت اقوم ) ( مى 7 : 8 )

+ (اما انا فعلى رحمتك توكلت يبتهج قلبى بخلاصك)

لتكن يارب رحمتك اقوى من شماتتهم ولتعطنى انت النجاح فلا يفرحون بفشلى ولتعطنى التوبة فلا يفرحون بسقطتى انا لا اتكل على مقاومتى للخطية انما على رحمتك توكلت انت برحمتك تخلصنى فيبتهج قلبى بخلاصك

هذه القيثارة المحيطة اشتدت اوتارها مرة اخرى فعزفت لحن التسبيح وختمته بكلمة الليلويا

وكأن داود يقول للرب : ان الكلمات التى قلتها فى اول المزمور قد سحبتها الان : سحبت عبارة تنسانى وعبارة تحجب وجهك عنى الان يبتهج قلبى بخلاصك انى اعتذر عما قلته
الان عدوى لن يقوى على( الفخ انكسر ونحن نجونا )

حقا ما اجمل قول السيد المسيح :( لكن حزنكم يتحول الى فرح ) ( يو 16 : 20)

++++++++++
تأملات في المزامير- مزمور الي متي يارب تنساني ؟؟
لقداسة البابا شنودة الثالث معلم الأجيـــــال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق