الأحد، 23 يونيو 2013

الانبا موسى والشباب بين التفرد والمرجعيه




 
بين التفرد والمرجعية:

معروف أن هناك حاجات نفسية داخل الطبيعة البشرية، لابد من إشباعها، كالحاجة إلى الحب، والأمن، والإنتماء، والتقدير، والنجاح، تحقيق الذات... ومن بين هذه الحاجات: الحاجة إلى التفرد، والحاجة إلى المرجعية. وهاتان الحاجتان تتكاملان، ومن الخطر الركون عند إحداهما وإهمال الأخرى. فالحاجة إلى التفرد تعنى حاجة كل إنسان إلى أن تكون له خصوصية إسهاماته ودوره المتميز فى الجماعة التى ينتمى إليها، فهو يرفض بطبيعته أن يكون مجرد ترس فى آلة، أو قطعة غيار فى ماكينة!! الإنسان كائن حىّ، مريد، عاقل، له مواهبه وتفرده وجوهره الخاص، وينبغى أن يعطيه المجتمع: الأسرى أو الكنسى أو العام، فرصة إظهار مواهبه وطاقاته الكامنة وخصوصيته المتميزة. ولعل هذا هو الفرق الجوهرى بين الشيوعية والاشتراكية من جهة، والرأسمالية من جهة أخرى، فبينما النظام الشمولى يقمع الإنسان لصالح الجماعة، فيصير مجرد ترس فى آلة الإنتاج الضخمة، كانت الرأسمالية تنمى. الحافز الفردى الأدبى والفكرى والدينى والاقتصادى والإبداعى والإنتاجى، مما أبرز الكثير من المواهب، وفجرَّ العديد من الطاقات.


غير أن التوازن المطلوب الآن هو بين أن نعطى الفرد فرصة الإبداع، ولكن لابد من مرجعية له، حتى لا يحدث شطط... فالفرد جزء من مجموع، وفى المسيحية الإنسان المؤمن عضو فى جسد، ولا يستطيع أن يكون فرداً مستقلاً بذاته، بل هو عضو يتكامل من خلاله الجسد، ولا حياة له خارج الجسد. وهذا ما نسميه "المرجعية"، بمعنى أنه يدرس الكتاب المقدس ويتأمل فيه، ولكن لا يصح أن يفسره من عندياته وحده، دون الرجوع إلى مراجع لا حصر لها، حتى لا يبدأ من فراغ أو يسقط فى هرطقة أو بدعة.


حتى فى الخدمة أو أى عمل دينى، لابد من أب الاعتراف، وأمين الخدمة، ورأى الجماعة التى ينتمى إليه، ومباركة القيادة الكنسية، حتى لا يكتفى بفكره الشخصى، فالمسيحية لم تبدأ به، أو تنتهى إليه، وعليه أن يراجع نفسه من خلال الجماعة.


هكذا أوصى الله بولس عملاق الكرازة بأن يعرض عمله وكرازته على بطرس ويعقوب ويوحنا، ونال منهم يمين الشركة (غل 1:2-10).


توازن مطلوب، لا يصح أن يختل، بين الفرد والجماعة، العضو والجسد، التفرد والمرجعية 
!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق