السبت، 22 يونيو 2013

الانبا موسى وكيف يكون الانسان تاج الخليقه



 
 بين الموت و القيامة :
يفقد الإنسان هذا النمو بالموت فالطفل الذي مات من عشرات السنين لم يصر رجلاً بعد ، و الرجل الذي قضى فى قبره ردحاً من الزمن لم يتكهل و لم يشخ بعد . فلا نمو للإنسان بعد الموت .
          كان الموت عقوبة للإنسان الذي أخطأ ، فأصبح يعانى من افتراق الروح عن الجسد
(تك3 : 19 ) إذ خلق الإنسان لكى يحيا إلى الأبد كالملائكة التى لا يصيبها الموت ( تك3 : 22 ، 2 : 6 ) .. قال القديس باسيليوس الكبير : " و الموت الذي دخل إلى العالم بحسد إبليس هدمته بالظهور المحيى الذي لأبنك وحيد الجنس " .
          لذا صار خلاص الإنسان يكتمل بيوم القيامة العامة ، التى يعود الإنسان إلى حياة الأبد . فالقيامة العامة ، أو قيامة الأموات ، أو قيامة الأجساد هى تكملة رحلة الخلاص التى بدأها السيد له المجد بصليبه ، لكى تقف البشرية لتدان أمام الله و قد تكاملت صورتها جسدا و روحاً .
          لذا ففى مزيد من شغف التطور قال الرسول بولس " لعلى أبلغ إلى قيامة الأموات ، ليس أنى نلت أو صرت كاملاً ، و لكنى لعلى أدرك الذي لأجله أدركنى أيضاً المسيح يسوع " ( فى 3 : 11 ، 12 ) ففى مقولته هذه أرانا أن الإنسان دائم التطور فى معرفة الله و أيضاً حتى فى بلوغ قيامة الأموات .
          هنا يختلف الإنسان عن غيره من الكائنات الأخرى التى ليس لها رجاء سوى فى هذه الحياة الحاضرة ، فالإنسان يترجى حياة الأبد ، ليستكمل بالأبدية و فى الأبدية رحلته التى بدأها عندما ارتطمت قدماه بالأرض .
* أظهرت لى طبيعة الحيوان :
          و إذا كان الإنسان يسمى ( الناظر إلى أعلى ) ( Anthropos ) فهو بهذا يقدم صورة مختلفة عما نراه فى باقى الكائنات الأخرى ، فلا كائنات آخر ينظر إلى أعلى غيره و لو ارتفعت قامته و امتدت هامته .


كيف يكون الإنسان تاج الخليقة ؟
 

أولاً : الإنسان يشبه الله فى الروحانية .
ذلك أن الله روح كما يقول رب المجد يسوع المسيح " و الرب هو الروح " كما يقول الوحى على فم الرسول بولس فالإنسان خلق على صورة الله و مثاله لأن الله خلق فيه روحاً من عنده و نفخ فيه الله الله نسمة حياة فصار الإنسان نفساً حية " و يقول النبى ذكريا فى نبوته " يقول الرب باسط السماء و مؤسس الأرض و جابل روح الإنسان فيه " و يقول النبى أشعياء " الرب خالق السموات و ناشرها باسط الأرض مع ما ينبت منها " الذي فى يده نفس كل حى و أرواح البشر أجمعين " " لكن فى البشر روحاً " يقول روح الله هو الذي صنعنى و نسمة القدير أحيتنى " " لذلك سمى الله بأبى الأرواح كما يقول الرسول بولس أفلا نكون بالحرى خاضعين لأبى الأرواح فنحيا " " كما يدعى إله أرواح جميع البشر " .
ثانيا : الإنسان يشبه الله فى العقل والحكمة .
فالله كلى الحكمة وأما الإنسان فله بعض الحكمة لأن فيه روحا عاقلة ترشده فى الصواب والحق والخير يقول سفر أيوب " لكن فى البشر روحا ونسمة القدير تعقلهم " . ويقول الحكيم سليمان " تعقل الإنسان يبطئ غضبه "
وذلك يمكن أن يوصف الإنسان بالحكيم . وجاء فى سفر أيوب " الذى رفعنا على بهائم الأرض علما وعلى طيور السماء حكمة " .
ثالثاً : الإنسان يشبه الله فى الحرية .
فكما كان الله حرا يتصرف كما يشاء ... ولا يجد من يمنعه أو يقول له ماذا تفعل ؟ .. كذلك خلق الله الإنسان حرا مثله وله أن يريد ويفعل ما يريد .
رابعا : الإنسان يشبه الله فى الخلود وعدم الفناء .
كل شئ فان , جمادا كان أو نباتا أو حيوانا , ولكن الإنسان وحده نمن بين الكائنات الأرضية الذى يخلد ولا يموت , وهو خالد بروحه لا بجسده لأن الجسد أيضا فان وقابل للموت الفساد والتعفن والتحلل وهو موعود أما بالحياة الأبدية وأما بالعذاب الأبدى وقد أقام الله له شجرة الحياة التى يأكل منها فيحيا إلى الأبد .
خامسا : الإنسان يشبه الله فى القداسة ومحبة الحق والبر .
وهذا ينطبق أسا على روح الإنسان لا على جسده لأن الجسد من حيث هو مخلوق من تراب فينجذب طبيعيا إلى الترابيات والحسيات والماديات وأما الروح فلأنها من الله وقد نفخها فى آدم بعد أن جبله تراب من الأرض فهى بطبيعتها روحانية ومقدسة وطاهرة وسامية وهذا واضح من الصورة التى يقدمها لنا سفر التكوين عن آدم فى طهارته وقداسته الأولى فقد كان هو وامرأته عريانين ( وهما لا يخجلان ) ومعناه أن فكر الإنسان الأول كان طاهرا , ولكنه بالخطيئة تدنس بعد ذلك وعلما أنهما عريانان فأخذا من أوراق التين وصنعا لهما مآزر وقال سفر الجامعة يصف آدم قبل السقوط " الله صنع الإنسان مستقيما " وقال عنه بولس الرسول أنه " خلق الإنسان على مثاله الله فى البر وقدساه الحق " ولم يفقد الإنسان قداسته لا بالخطيئة ولكن مخلصنا ردنا إلى الصورة الأولى بعمل الفداء وخلقة الإنسان الجديد التى تتم فى المعمودية المقدسة وتصان بممارسة التوبة اليومية ووسائط الخلاص , وعلى رأسها سر التقوى وهو سر التناول .
سادسا : الإنسان يشبه الله فى استعداده للعمل بلا توقف وفى أنه بروحه لا ينام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق