الأحد، 23 يونيو 2013

الانبا موسى والشباب بين الانتماء والعولمه





- بين الانتماء العولمة:
هناك توازن مطلوب فى هذا المجال، فالعولمة - رغم كل ما ستحمله لنا من سلبيات - فيها إيجابيات كثيرة وهامة. والإنسان المسيحى، شعاره المستمر هو "امتحنوا كل شئ، وتمسكوا بالحسن".
العولمة معناها ببساطة أن العالم كله أصبح كتلة واحدة أو سبيكة واحدة، من حيث ثورة المعلومات والاتصال، فلم يعد ما يحدث فى قرية صغيرة فى أى دولة، خافياً عن الأعلام العالمى. لذلك أصبحنا نسمع الآن عن "القرية العالمية"، أو عن "الحجرة العالمية" بمعنى أن العالم أصبح مثل قرية صغيرة، أو حتى حجرة صغيرة، تستطيع أن تحّس بكل ما يجرى فيها، فى ثوان معدودات، ليس فقط بعد أن يقع الحدث، ولكن فى أثناء وقوعه فى كثير من الأحيان.
العولمة (Globalisation) - إذن - هى التأثير والتأثر المتبادلان بين أصغر بقعة فى العالم، والعالم كله، سواء على المستوى السياسى أو الاقتصادى أو الثقافى. أى حادث إرهابى فى قرية، سيذاع فوراً على شبكات الاتصال التليفزيونى (CNN) أو شبكة الانترنيت، ويمكن أن تكون له ردود فعل على مسطح العالم كله. لذلك سوف يستحيل على أى دولة أو جزء من دولة أن تتخذ أى قرار سياسى بمعزل عن التأثيرات العالمية المصاحبة والتابعة لهذا القرار. ذلك ما شاهدناه فى كوسوفو وتيمور الشرقية.
وعلى المستوى الاقتصادى هناك اتفاقية الجات، التى ستفتح الحدود بين الدول، وتلغى حواجز الجمارك، بحيث سنضطر أن نفتح الباب لسلع مستوردة، عندنا مثيل لها، لكن الشركات الدولية العملاقة، سوف تستطيع إغراق الأسواق المحلية، بمنتجاتها الأفضل والأرخص - ولو مؤقتاً - مما سيدمر الناتج المحلى.. وبعد ذلك ترتفع الأسعار فى احتكار خطير!! ماذا عن مصانعنا؟ وعمالنا؟ ومنتجاتنا؟ وتصديرنا؟... أمور ستصبح عسيرة، وفيها سوف نجد التحدى الواضح، الذى يجبرنا على تحسين منتجاتنا، وضبط أسعارها بحكمة، وإلا أكلها أخطبوط الجات.
وعلى المجال الثقافى، سوف تسود "ثقافة كوكبية"، من خلال شبكات البث والانترنيت، وتحمل إلينا ملامح أسلوب الحياة الأمريكية، الذى كثيراً ما يختلف عن أسلوب حياتنا، وتقاليدنا، ومبادئنا.. سواء من جهة الأخلاق أو حتى من جهة المأكولات والمشروبات والملابس...
وحتى على المجال القومى والوطنى، هناك خطر ذوبان الهوية الوطنية،داخل فيضان الهويات الأخرى، أو الأسلوب الغربى.. فلا يعود شبابنا معتداً بمصريته، فخوراً بتاريخه وحضارته وجذوره، ويذوب فى أساليب وأنماط الحياة الغربية.
نعم.. هناك مخاطر.. مما يستدعى تأصيل أجيالنا الشابة روحياً، ودينياً، وعقائدياً، وسلوكياً، ووطنياً، حتى نواجه هذا الوافد الطاغى. وبالطبع لا نقصد أن نصم آذاننا عما يحدث حولنا، أو نحاول فرض القيود على شبكات البث، فهذا ضرب من المستحيل، بل علينا أن نعود شبابنا بعد أن نؤصله روحياً وثقافياً - أن يختار الصالح من كل منجزات التكنولوجيا والاتصال، ويرفض الردئ فيها.
وما أكثر الصالح فى التكنولوجيا، وها نحن نرى الكومبيوتر يدخل إلى مدارسنا وكنائسنا وبيوتنا، ويستحيل أن نتخلف عن هذه الثورة، لنحيا فى عزلة عن العالم، بل المطلوب هو التوازن والتفاعل مع الثورة الجديدة، وتربية ضمائر شبابنا ليختار الصالح، ويرفض الشرير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق