الخميس، 20 يونيو 2013

كن اجابيا



 
كثيرة وملحة، هي الضغوطات النفسية التي تؤثر فينا، والتي قد تدفعنا بشكل أوبأخر او يتملكنا الأضطراب النفسي ونصبح اسرى لضغوطاته وتأثيره على حياتنا وصفوها، الذي لم يبقى منه الا القليل اليوم.
ومنذ زمن بعيد دار جدل على نطاق واسع بين الباحثين حول مدى تأثير الحالة الفكرية على صحة الأنسان .
واثبتت الدراسات التي أكدت مؤخراً (ان التفكير الأيجابي يلعب دوراً ايجابياً في محافظة الأنسان على صحة جيدة).
فقد رأى الباحثون ان التفكير الايجابي يساعد الجسم على مقاومة الأمراض الموسمية مثل نزلات البرد أوحتى الأنواع الخطيرة مثل السرطان وتوجد في المراجع الطبية عدد كبير من الحالات التي يتمكن المريض بها من تجاوز مشكلات مرضية قد تكون في السابق مستعصية في نظر الأطباء ولكن التفا}ل والثقة ساعدت هؤلاء المرضى على الشفاء.
وهنا يضع العلماء الكثير من التساؤلات - هل التفكير حقاً بصورة أيجابية في صحتنا ؟ أم التفاؤل والأمل يساعداننا على التعايش مع الحالة المرضية والصبر على الألام ؟ وهل هذه النظرية يمكن ان تعرض المرضى لضغوط عندما نطلب منهم التفكير بصورة ايجابية ازاء حالتهم وتعرضهم لمخاطر كثيرة.
لقد اجتذب هذا الموضوع اهتماماً متزايداً لدى العديد من المختصين في مختلف المجالات العلمية وخاصة محاولة استقراء العلاقة القائمة بين الحالة النفسية والاعصاب ونظام المناعة في الجسم من أجل تحديد مدى الأثار التي تخلفها طريقة التفكير على صحة الأنسان . ويتصل الجسم بالعقل عن طريق ناقلات يطلق عليها اليتيدات العصبية ينتجها الدماغ وتجري في الدم وتوجد في كل خلية من خلايا الجسم.
ومن الجدير بالذكر ان الدماغ ينتج مادة (الأندورفين) التي تفرز الشعور بالسعادة وذلك في أثناء ممارسة التمرينات الرياضية القوية وهناك مواداً اخرى يفرزها الدماغ أثبتت الدراسات أنها تساعد جهاز المناعة في الجسم في المواجهات التي تخوضها مع الأجسام الغريبة . وتؤكد الباحثة الغربية الدكتورة كاتريس بيرت في كتابها (جزيئات العاطفة) ، " بعد دراسات مطولة على الاندروفين وجدت ارتباطاً وثيقاً بين عواطفنا وصحتنا وبرغم أن اليتيدات العصبية التي يفرزها الجسم في أثناء فترات الاكتئاب او الضغط النفسي تعيق عمل الانسجة أما الانواع التي تفرزها في أوقات السعادة فتعزز من مختلف وظائف الجسم ....".
وقد أكدت أبحاث علمية ودراسات ، أجراها باحثون في صحة الأنسان، هذه الاستنتاجات . ففي دراسة اجرتها الدكتورة ترودي تشالدر من كلية توماس الطبية في لندن على مرضى في الأرهاق المزمن ثبت دور التفاؤل في التخفيف من حدة الاعراض التي يعانون منها .وقد قامت الباحثة بتنظيم (12) جلسة للعلاج بالسلوك الأدراكي تضمنت جميعها تحفيز المرضى على التفكير ايجابيا ازاء حالاتهم ، وبعد ستة أشهر أنخفض مستوى التعب وتعززت قدراتهم على أداء المهام الحياتية وتقوم تشالدر بدراسة أخرى على مجموعة من المراهقين للتأكد من هذه الاستنتاجات وفي دراسة قام بها أخصائي من مستشفى بلندن أكد على ضوئها ان النساء المصابات بسرطان الثدي اللواتي يتحلين بالروح الدفاعية غالباً مايعشن لفترات أطول مقارنة مع غيرهن من المصابات  ، ممن يسيطر عليهن البأس أو التشاؤم اوتوقع الموت في أي لحظة.
وعلى الرغم من أحتمال وجود أدلة متناقضة حول المدى الذي يؤثر فيه التفكير الأيجابي في صحتنا الجسدية. الا أن المؤكد من الناحية العملية ان القدرة النفسية تلعب دوراً اساسياً في التغلب على الاعراض الخطيرة والمؤلمة.
وان المرضى الذي يعطون اقراصاً خادعة لا تحتوي على أية مادة فاعلية غالباً ما يتخلصون من عللهم تماماً مثل المرضى الذين تصرف لهم أدوية حقيقية، وعندما تتناول اقراص فيتامين (سي) عند الاصابة بنزلات البرد غالباً مايكون المفعول النفسي لهذه المركبات اعظم تأثيراً من الاثر المادي الذي يمكن ان تتركه على أجهزة المناعة.
وقد أمضى باحثون سنوات عديدة في دراسة المفعول الذي يمكن ان تتركه على أجهزة المناعة لدينا .
ومن جهة أخرى أمضى باحثون سنوات عديدة في دراسة مفعول الأقراص الخادعة ووجد البعض أن ايماننا بفاعلية عقار معين وقدرته على مساعدتنا لتجاوز ازمة صحية يفوق في تأثيره المفعول الحقيقي للمكونات الداخلة في تركيبه. ويتدرج في هذا الأطار مايطلق عليه ( العلاج الروحي ) حيث يؤمن اتباع الكثير من الديانات ان احوالهم الصحية تتحسن لمجرد شعورهم بالأرتباط مع قوة عظيمة خارقة متمثلة قي قوة الله عز وجل .
وبأن هناك في داخل كل كائن بشري وميضاً روحياً .
ويستطيع المعالج الروحي توجيه الطاقة الطاقة الكونية ونقلها الى الشخص الذي يقصده لغرض العلاج .
وفي مركز علاج السرطان بمدينة بريستول يستخدم العلاج الروحي مع بعض المرضى وتهدف هذه الفلسفة العلاجية الى بث قوة داخلية أو قوة روحية من شخص الى أخر ويشعر الكثيرون بتحسن ملحوظ بعد هذا النوع من الجلسات .
وأخيراً قد يظهر في ذهن البعض أسئلة كثيرة حول كيفية تعلم التفكير بطريقة ايجابية . ومن سياق الدراسات العلمية ذات الصلة بهذا الأمر توصل الباحثون الى استراتيجيتين يمكن للاطباء تطبيقها على المرضى . ففي البداية ينصح الأطباء والممرضون بالتخفيف من مشاعر الخوف والألم التي قد تنتاب مرضاهم قبيل العمليات الجراحية ، وبدلاً من مناقشة مجريات العملية وتوقيتها ، يجب التركيز على التحسن الذي يسيطر بعد الانتهاء منها ، الى جانب التغيرات الايجابية التي سيشعر بها المريض بعد تماثله للشفاء ويمكن ان تعرض للمرضى اشرطة فيديو تستعرض حالات سابقة نعمت بالشفاء بعد المرور بتجربة علاجية مماثلة ويتبع الأطباء أيضاً طريقة أخرى تدعى " التشتت الأدراكي " حيث يدخل المريض جلسة علاجية تساعده على التفكير في  أمور أخر لنسيان حالته المرضية وتتضمن تلك الجلسات متابعة تجارب مصورة بالفيديو لأناس ينعمون بأجازات ممتعة أو اية ممارسات اخرى تبعث على السرور ... ويحاول المشرفون على هذه الجلسات ابعاد الضغوط النفسية ولوم الذات الذي يؤثر في المرضى لاسيما وان مثل هذه العوامل تزيد من حدة المرض ، وتجعل طرق العلاج عديمة الجدوى اذا أنحدر مستوى التفاؤل والأمل بالشفاء من المرض .
ومن جانب اخر يرى الباحثون ان التفكير الأيجابي لا يعني بطبيعة الحال رسم ابتسامة مصطنعة على وجه المريض طوال الوقت وانما محاولة أدخال الأمل الى قلبه حتى يتمكن من تجاوز الآمه ومشكلته الصحية . واذا ما انتاب الانسان آلم عابر في أحد الأيام ، فيمكنه نسيانه بالخوض في نشاط ممتع . ولا يشترط هنا محاولة تحدي الألم بأختيار نشاط صعب وانما القيام بأي عمل يناسب القدرات الجسدية . وبدلاً من الأستمرار باللوم الذاتي تجاه قصور معين ، يمكن تذكر الأنجازات التي حققها الشخص والمفاخرة بأوجه النجاح طوال مسيرته العملية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق