السبت، 22 يونيو 2013

علم النفس فى ضوء الكتاب المقدس



http://www.throneofgod.com/Holy%20Bible.gif

علم النفس فى ضوء الكتاب المقدس

النفس ليست هى الروح ، و لكن العلاقة بينهما متينة ، و لا يمكن الفصل بينهما ، فالنفس تحيا بالروح ، و الروح تعمل فى قيادة و توجيه النفس ، و نفس لا تعمل إلا و هى حيه أى ممتدة بالروح ، و هذه النفس الحية قابلة للهلاك فى العالم عندما تموت بالأنفصال عن الروح التى تمدها بالحياة ، كما أنها فى حالة فسادها تلقى الموت الأبدى فى جهنم النار ، و ارتباط النفس بالجسد ، من حيث أنها ضمن مكوناته يجعلها عرضه للموت معه ، فهى تموت بعد الموت الأرضى بانفصالهما معاً عن الروح ، و تقوم أيضاً فى القيامة العامة ، حيث يتحدان معاً بالروح أمام الله للحساب .



و الحديث عن خلاص النفس يعود إلى أنها ضمن مكونات الجسد و لذلك فهى مرتبطة بالحياة الدنيا ، و بالتالى فهى تفسد فكرياً و سلوكياً و تتحول حكمتها إلى الطبقة الفاسدة – أما الروح فهى تنمى نسمة الحياة ، و هى خالدة لا تموت سواء كان هذا الخلود فى النعيم أو الجحيم . و الروح تعنى الحياة و عندما تنفصل الروح عن الجسد يموت الإنسان .. و لما كان الإنسان المسيحى يحيا فى العالم فإنه معرض لهجمات و إغراءات عدو الخير ( ابليس ) الذي يريد إفساد حياة الناس ، و لذلك فإن ممارسة الأسرار المقدسة تجعل الإنسان المسيحى ممتلئاً دائماً من الروح المقدس بذلك يظهر فيه ثمر الروح فهو : محبة ، فرح ، سلام ، طول أناة ، لطف ، صلاح ، إيمان ، وداعة .. و تعفف .

إن المخ يخزن الذكريات ، و يعمل كمسجل عالى الدقة .. يسجل على شرائط صورة طبق الأصل من كل تجربة ابتداء من وقت الولادة ، و أنه من الممكن استعارة الذكريات و التجارب المختزنة بدقة شديدة ، و من أهم الاكتشافات أن المخ لا يسجل الأحداث الماضية فقط بل أيضاً الأحاسيس التى ارتبطت بتلك الأحداث ، فالشخص يتذكر الموقف و الأحاديث التى دارت أثناءه و أيضاً الانفال أو الإحساس الذي نتج عنه .. و سهل علينا أن نفهم كيف أن الماضى يؤثر فى الحاضر ، فلا شئ يضيع مما فعله الإنسان على مدى سنوات عمره و أن الشخصية بناء متعدد الطوابق ، يرتكز كل طابق على الطابق الذي يسبقه ، كما يحمل الذي يعلوه .. و فى دور الحساب سيواجه الإنسان نوعاً آخر من التسجيل المدون لن يستطيع إنكاره ، و هكذا يستحيل الحديث عن النفس منفصلاً عن الروح .

الروح تشترك مع النفس فى تحمل مسئولية كافة أنواع السلوك التى جرت أثناء الحياة فى الجسد و تم اختزانها فى شكل تجارب و ذكريات .. و إذا كانت هذه التجارب و الذكريات تنسب إلى النفس .. فإين تقف الروح وهل هى منفصلة عن النفس و الجسد ؟.

سر الاعتراف يجعل الإنسان المسيحى يستغنى عن الطبيب النفسى إذا قابلة ، أو الاعتراف فى جلسة مصارحة يقول فيها كل متاعبه التى تقلقه .

أن التجارب و الزكريات و الانفعالات و الكلمات كلها مسجلة لكى تكون شاهدة على صاحبها يوم الدينونة ، و مادام الأمر كذلك فإن ترتيب الكنيسة لممارسة سر الاعتراف يساعد الإنسان الذي يعترف بخطاياه لينال الغفران من الله المصوب بالتوبة (سليمان الحكيم : من يكتم خطاياه لا ينجح .. و من يقر بها و يتركها يرحم ) .

يقول علم النفس : أن الفرد يتصرف و يشعر ليس حسب ما تعنيه الأشياء لكن حسب الصورة الفعلية التى لديه عن هذه الأشياء ، و أنه لدى كل فرد صورته الخاصة عن ذاته و عن العالم ، و هو يتصرف حسب الصور ، و عندما تكون هذه الصور مخالفة للحقيقة فإنها تؤدى إلى السلوك الخاطئ

وقوع الفرد ضحية للمرض النفسى ، فهل يترك الإنسان المسيحى ذاته فريسة لهذه الصور التى لا يمكن تحقيقها فى الواقع ؟.

أن الشخص الذي يتعرض للأمراض النفسية هو الذي يريد و يصر على الحصول على ما يريد ، و بالشروط التى يفرضها هو .. أما الإنسان المسيحى الذي يعيش فى ضوء تعاليم الكتاب ، فإنه يحس بارتياح غامر عندما يتذكر أن العالم يمتلئ بهذه الصور الفعلية التى يطمع الناس فى تحقيقها ، و لكنهم يصطدمون بأن الواقع غالباً ما يخالفها ، و يرى أنه يجب أن يملك حسب الصور فى الكتاب ، و سير الشهداء .

و أول حديث عن الصور فى الكتاب .. ما ورد عن خلق الإنسان فى صورة مقدسة فى صورة الله ، و للأسف بفان هذه الصورة لقسوتها الخطية ، و أصبح الناس محبين لأنفسهم ، محبين للمال ، متعاظمين ، مجرمين ، مستكبرين ، غير طائعين لوالديهم ، غير شاكرين ، و قاسين .

و قد فصل القديس بولس فى وصية إلى الكنيسة كافة الصور التى تقود الناس إلى السلوك المنحرف ، و قال صراحة أن أصحاب هذه الصور لهم صورة التقوى و لكنهم منكرون قوتها ، أى أنهم يظهرون أسوياء و هم منحرفون و لذلك فإن الشخص الذي لديه صورة منشورة عن المرأة التى يجب أن يقترن بها يخطئ كثيراًَ عندما يتجاوز فى تصوراته .. مع أن سليمان الحكيم أورد صوراً جذابة عن المرأة الفاضلة التى يقترن بها الرجل ، يعيش سعيداً و هى صورة مناسبة من حيث المبادئ الروحية و المثالية ، و لكن كيف يحصل طالب الزواج على الزوجة الصالحة التى قال عنها سليمان " أما الزوجة المتعلمة فمن عند الرب " .

لقد أورد الكتاب المقدس مثلاً طيباً للإنسان الذي يترك الاختيار للرب ، و هو مثل اختيار زوجة لأسحق ابن ابراهيم ، و لذلك يجب أن ندع هذا الأمر للرب ، و نطلب منه أن يختار الزوجة الصالحة ، و نقبل اختياره بشكر عظيم ، و لا نتكل على موهبتنا فى الاختيار حسب الصورة الفعلية التى نكونها لأنفسنا قاصدين أن نحققها بجهودنا الذاتية ، فقد تكون لدى الرب صورة أخرى يرى أنها تناسب ، فيجب على الإنسان أن يترك للرب قيادة حياته .

أن أطباء النفس ينسبون معظم الأمراض النفسية إلى رواسب مراحل الطفولة المختلفة التى يكون فيها الفرد عاجزاً عن توفير احتياجاته الأساسية بنفسه و يعتمد على الآخرين .. و الطفل تنقصه الخبرات فى الحياة و يعتمد فى البداية على أمه فى توفير احتياجاته الأساسية ، و مع تقدم العمر يحتاج إلى بقية الأسرة و تزداد خبرات الطفل نتيجة اتصالاته و علاقاته بالآخرين .

و يظهر دور التربية ، و يوطد الطفل علاقاته بهؤلاء الذين يوفرون له احتياجاته مع الله النى يعتنى به و بأمه و أبيه ، و كل من حوله .. و هذا هو دور التربية الدينية فى حياة الطفل المبكرة التى تعلمه أن الشبع الحقيقى فى العلاقة بالله و أن الأمن و السلام لا يتحققان بتوفير الاحتياجات المادية ، بل بالقرب من الله ، و يدرك أن هناك احتياجات روحية لا ينالها إلا بالعلاقة مع الله من خلال الصوم و الصلاة و ممارسة الأسرار ، و مع نمو علاقته بالله يعرف المحبة الحقيقية و هى أن يحب الله و أن يكون محبوباً لديه . و لا شك أن بداية إحساس الطفل بالعاطفة تجعله يتجه نحو أمه ، و تدفعه فيما بعد إلى التقرب من الله و أن التربية الدينية الصحيحة تجعله يعرف أن العلاقة بالجنس الآخر لها مجالها الصحيح عن طريق مشروع الزواج المقدس .

و فى مرحلة الطفولة يظن أن التعامل مع هذه الحياة يسير فى اتجاه واحد و هو اتجاه الأخذ ، و هنا تعلمه التربية الدينية أنه لا يوجد أخذ بدون عطاء و لابد أن يعرف الطفل منذ الصغر أن الرجل ليس من دون المرأة و العكس ، و لكى يصير الطفل طبيعياً لابد أن يتعلم كيفية التوافق مع الناس عن طريق القدرة ، و أول من يقتدى بهما هما الوالدان .

يقول علماء النفس : " الإنسان فى توترات مستمرة " و هذه التوترات تثير الرغبات التى ينشغل بمحاولة إشباعها ، مع حرصه على عدم الدخول فى متاعب مع نفسه أو الآخرين و أن إشباعه للرغبات يخفف التوترات ، مما يعطى الإنسان إحساساً بالأمان و يحرره من القلق .. و حتى لا يصل الإنسان إلى الإحباط بسبب العجز عن تحقيق الرغبات ، يقترح العلماء تعديل الرغبات حتى يمكن إشباعها و تعنى الإحساس  بالالتزام لديه حتى يصبح جزء من أدواته الفعلية (و هو يسبب العجز ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق