الأحد، 16 يونيو 2013

حماية اطفالنا من الايذاء الجنسى


بفضل الشبكة الالكترونية صار الناس يعرفون بقصص الأطفال الذين يتعرضون للعنف الجنسي في كلّ مكان. الحقيقة، لا يوجد بلدٌ في العالم يتمتع بالمناعة المطلقة من هذه المشكلة، فهذه مشكلة إنسانية عامة مثل غيرها من مشاكل الإنسانية كالقتل والخيانة... نودّ كثيراً لو لم تكن موجودة، ونغمض عيوننا عنها ما استطعنا... لكنها تظل حقيقةً قائمةً مهما حاولنا تجاهلها.


حتى الآن، لا توجد إحصائيات في بلادنا توضح عدد ضحايا العنف الجنسي من الأطفال سنوياً، وحتى لو وجدت هذه الإحصائيات لما كانت إلا جزءاً من الحقيقة باعتبار أن موضوع العنف الجنسي هو من المواضيع التي يفضل الأهل كتمها خوفاً من تأثيراته السيئة على مستقبل الطفل (والطفلة خصوصاً).

كلّ هذا يدفعني من موقعي (كطبيبة نفسية عند الأطفال ) إلى محاولة طرح موضوع العنف الجنسي عند الطفل بحيث يمكن أن يفيد من هذا الطرح الأهل والمربون، من خلال تقديم بعض الحقائق و الخبرات الطبية التي أعتقدها عمليّة ً ومناسبةً. وقد حاولت أن أضع ، ما أمكن، أسماء المواقع والمراجع المعروفة عالمياً، مع قيامي بتلخيص بعض ما رأيته مفيداً فيها.

واعتمدت خصوصاً على قوة البنية العائلية والأخلاقية في بلادنا ، فركزّت على ما يمكن للأهل أن يفعلوه بغضّ النظر عن دور المدرسة وأجهزة الإعلام.

أنتظر تعليقاتكم وأسئلتكم عن كلّ واحدٍ من البنود التي سأطرحها، وأرجو أن يكون طرح كلّ منكم معبراً عن رأيه بالذات دون الرد على طروح أخرى قد يجدها غير مناسبة.



1 كيف نحمي أبناءنا من العنف الجنسي؟
يجب أن يتعلم الطفل كيف يحمي نفسه لأننا لسنا معه في كلّ الأوقات، وقد يقول قائل أن الطفل موجود دوماً في بيئات معروفة ومحميّة ...لكن نسبةً هامةً من العنف الجنسي إنما تُرتكب بواسطة أشخاص يعرفهم الطفل و يأمن لهم ويثق بهم...وكثير من هؤلاء هم من أفراد العائلة الصغيرة أو الموسعة أو من محيط الطفل المباشر.

في بلدنا تسعى الأمهات لحماية البنات الصغيرات بتعليمهن أن يقلن "لا"، وأن يرفضن ،مثلاً، خلع ثيابهن أمام الآخرين، أن لا يذهبن مع شخص غريب، ألا يفتحن الباب في غياب الأهل.... وهذا حسن (لولا بعض المبالغات) لكن الذكور الصغار هم أبعد ما يكون عن هذا النوع من الحماية .. فلا الأمهات يتحدثن إليهم عن ذلك ولا حتى الآباء.



يجب أن يتعلم الطفل
*كيف يميز بين طرق التعامل مع جسده...

*وكيف يقول "لا"...

* وكيف يبوح بالأذى الذي تعرض له طالباً العون من شخصٍ كبيرٍ من محيطه.



يقودني هذا إلى الحديث عن برنامج كندي تربوي أُنتج عام 1985 خصيصاً لتثقيف صغار الأطفال عن الجسد، واسمه Feeling yes, feeling no

يضم البرنامج فيلماً بثلاثة أجزاء:

الأول : يعلّم الأطفال ثوابت معرفة الذات والجسد، وتمييز أنواع "اللمس المقبول" من "اللمس غير المقبول".

الثاني: يعمّق مفاهيم الجزء الأول، ويضيف إليها كلمة الاعتداء الجسدي ويعلّم الأطفال كيفية الرد على عروض الأشخاص غير المعروفين بالنسبة لهم.

الثالث:يتحدث عن الاعتداء من قبل شخص من العائلة أو شخص مقرّب، ويعلّم الطفل استخدام الأساليب و الكلمات المذكورة في الجزئين الأولين، كما يعلّمهم كيفية طلب العون من شخص بالغ.



يُلحق بالأفلام المذكورة فيلم للكبار يعطي معلومات عن طبيعة ومدى انتشار العنف الجنسي الذي يكون الأطفال هم ضحاياه، وكيفية تمييز طفل هو ضحية لهذا العنف،و كيف نساعد الطفل الضحية.



1-1 نصائح عملية:
بعض النصائح التي توجه للأهل من خلال هذه المواد التربوية المميزة وغيرها هو كما يلي:

*اختر الوقت المناسب للحديث مع أطفالك عن موضوع العنف الجسدي والجنسي. أخبرهم عن وجود مثل هذا العنف دون تفاصيل وبهدوء (ما أمكن).

*تحدث مع أطفالك من الجنسين عن خصوصية الجسد وأنه ملكٌ للشخص نفسه ولا يحقّ لآخر لمسه أو إيذائه، وأنه يحقّ للطفل أن يقول" لا ".

*استمع للطفل عندما يحاول أن يخبرك شيئاً وأعطه الوقت الكافي، خصوصاً إن وجدته يتردد في الحديث.

*تعرف على محيط طفلك اليومي، على أهل أصدقائه، على الأولاد الأكبر منه سناً في الحارة... على الكبار الذين يقابلهم ....



ضحايا العنف الجنسي من الأطفال هم في معظم الأحيان ضحايا صامتون، بسبب تهديد المعتدي ، أو الخوف من عقاب الأهل، أو الخوف على سمعة الأهل... لكنهم يصمتون أيضاً لأنهم لا يعرفون بالضبط ماذا حصل لهم ... لا يعرفون الكلمات التي تكفي للعبير عن الناحية الجنسية في حياتهم.

من هنا أهمية التربية الجنسية الواعية والموجّهة وبعمر باكر ما أمكن.



1-2 أمثلة عملية:
يحضرني هنا مثال عن طفلة في الثالثة من عمرها أرسلتها طبيبة أطفال للعيادة النفسية مع طلب استشارة إسعافية.

قابلت الطفلة مع أمها وقد أذهلني وضوح وبساطة القصة التي روتها الطفلة عن محاولة اغتصاب قام بها ابن مربيتها وهو طالب جامعي في العشرين من عمره في غرفة الحضانة نفسها. أخبرتني الأم أنها كانت تعطي ابنها الرضيع حمامه أمام الصغيرة عندما بكت تلك وقالت أن ابن مربيتها آلمها عندما لامسها البارحة هنا (ودلت بإصبعها على المنطقة التناسلية عندها)وسمّت المنطقة، وعندما سألت الأم عن التفاصيل ذكرت الطفلة أنه لامسها بعضوه الجنسي مستخدمةً الاسم الشائع الذي يستخدمه الأهل في فرنسة.

سألت الأم ولكن كيف تعرف الطفلة هذه الكلمات فأخبرتني حينها أنّ ابنتها بدأت توجه أسئلةً عن الجسم والأعضاء الجنسية منذ ولادة أخيها الصغير.

خافت الأم في البداية لكنّها (وبعد تكرار السؤال) اتفقت مع الأب على الحديث عن الموضوع مع الصغيرة، وبالفعل استخدم الأبوان كتاباً مخصصاً لصغار الأطفال عن الجسد البشري عند الجنسين وعن إنجاب الأطفال. حدث ذلك قبل شهرين أو ثلاثة من حادثة الاعتداء.

وعندما وقعت الحادثة لم تخف الطفلة من الحديث عن الأعضاء التي حدثها عنها الأهل، وكانت هذه القصة سبباً في حماية عدة صغيرات ترعاهنّ المربية نفسها من خطر الابن المعتدي. كما أن علاج الطفلة بدأ فوراً دون فترة كمون تنتهي بأذيةٍ أكبر في المستقبل.



1-3 كيف أتصرف:
يجب أن يثق الطفل بشخصٍ بالغٍ واحدٍ على الأقل في محيطه. أي أنه من الضروري وجود هذا النوع من الثقة التي تسمح للطفل بإخبار هذا الشخص عمّا يسمعه أو ما يحصل معه، بحيث يقدر في حال تعرضه لطلب من هذا النوع أن "يسأل" أولاً، أو إن حدث وتعرض لعنفٍ جنسي من نوعٍ ما أن يخبر هذا الشخص قبل تكرار الفعل. قد يكون هذا الشخص أحد أبويّ الطفل، أو أحد أجداده أو الأعمام والعمات أو الأخوال والخالات، أو أخاً أكبر منه...



عندما تكون أنتَ الشخص الذي يختاره طفلٌ ما ليحدّثه عن أمرٍ من هذا النوع فنصيحتي لكَ:

*الزم الهدوء واسمع حتى النهاية، ثم حاول تهدئة الطفل معبراً عن تقديرك لثقته بك، وأخبره أنك ستفعل ما وسعك لمساعدته، وافهم منه ماذا يريد منك بالضبط (حمايته، تخفيف الألم، منع التكرار...)

*حاول أن تفهم بعض التفاصيل عن الحادثة لتفهم مدى الأذى الجسدي، و تقدر ضرورة عرض الطفل على طبيب أطفال.

*حاول أن تتأكد من شخصية المعتدي كي تكون قادراً على منع تكرار الفعل، وانتبه خصوصاً للمعتدين الذين يوجدون في بيئة الطفل اليومية. اطلب تدخل الشرطة عند الضرورة.

*اطلب العون من شخصٍ مختص بنفسية الطفل أو من طبيب أطفال مهتم، فإن لم تجد فعليك مهمة مساعدة الطفل في التعبير عن مشاعره (الخوف، الغضب، الحزن، الإهانة...) وتذكر أن الطفل في كلّ الحالات يشعر بالذنب فحاول مساعدته.



2- ما يجب أن يعرفه الطفل عن الجسد و الجنس باختصار
بعمر سنة ونصف:
يجب أن يبدأ الطفل بالتعرف على أسماء أعضاء الجسد



بين 3-5 سنوات:
يجب أن يعرف الطفل أسماء الأعضاء الجنسية (بحسب ما هو متعارف عليه في بيئته).

يجب أن يتعلم الطفل أن يقول "لا" عندما يحاول أحد لمس أو إيذاء أو النظر إلى أو الحديث عن... هذه الأعضاء.

أجب عن أسئلة الطفل عن موضوع الجنس حسب معرفتك أو استخدم كتاباً أو ارجع إلى الشبكة الالكترونية



بين 5-8 سنوات:
ناقش مع الطفل عوامل الأمان والبيئة الآمنة خارج المنزل، وحدد معه مدى أمان مناطق تواجده

يجب أن يفهم الطفل الفرق بين اللمس المقبول واللمس غير المقبول(مثلاً:مسك يد أحد أفراد العائلة في الطريق /مقبول، زميل في الباحة يعصر عنق الطفل/ غير مقبول، ولد أكبر في الحارة يتحسس مؤخرة الطفل /غير مقبول، الأم تمسح شعر الطفل / مقبول....)

أن يقدر الطفل على الحديث عن الأحداث السيئة أو المزعجة مع أحد أفراد العائلة.



بين 8-12 سنة:
يجب أن يفهم الطفل كيف يكون بأمان حتى لو كان وحده (مثلاً: كيف يتجنب المناطق المنعزلة، الحديث مع أشخاص لا يعرفهم،قبول هدايا من آخرين ...)

الحديث عن حدود السلوك الجنسي المقبول في عائلة الطفل وبيئته (مثلاً:لا جنس قبل الزواج أو خارج الزواج في بيئتنا الشرقية...)



بين 13-18 سنة:
يجب أن يعرف المراهق معنى "اغتصاب" "أمراض منتقلة بالجنس" "حمل" "منع حمل"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق